كنان القرحالي
تتصرف النساء القويات من الناحية النفسية على نحو مختلف، إذ يعشن وفق مجموعة معتقدات أساسية مختلفة، وتوجه هذه المعتقدات قراراتهن وعاداتهن اليومية.
سنتناول هذه المعتقدات بالتفصيل، لكن قبل أن نبدأ هل أنتِ امرأة قوية؟ يمكنكِ معرفة ذلك من خلال الإجابة على الأسئلة التالية:
هل أنوثتك مكتملة؟
هل تفضّلين أن تكوني جذابة على كل شيء آخر؟
هل ترين أنّ اللطف والعاطفة في مكان العمل نقطة ضعف أم نقطة قوة؟
هل تفضّلين راحة الآخرين على حساب راحتكِ؟ أم راحتكِ على حساب راحة الآخرين؟
هل أنتِ مؤثرة أم متأثرة؟
هل تحددين قيمتك الذاتية من خلال آراء الآخرين؟
هل أنتِ مكتفية بنفسك أم تشعرين بحاجة إلى المزيد؟
الإجابات عن كل سؤال
هل أنوثتك مكتملة؟
ثمة صورة نمطية سائدة عن الأنوثة، نراها في الطرقات من خلال الإعلانات الطرقية وعلى شاشات التلفزة، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأفلام، وفي كل مكان تقريباً. ولا شكّ أنّها صورة مرغوبة بشدّة، صورة الأنثى الناعمة والمهذبة والهادئة والحسناء والتي لا تتفوه بحرف لفرط لطفها وأنوثتها.
هذا ضغط شديد على النساء، وهو يبدأ منذ سنّ مبكّرة، فالعالم يريد منهن أن يكنّ مثل باربي أو مثيلاتها. إنّه ضغط يؤدي إلى التأثير على تصوّر الإناث لذواتهن، فيسعين خلف صورة خيالية قائمة على المظهر الخارجي فحسب.
تدرك المرأة القوية هذه الضغوط لكنها لا تنصاع لها، إذ تعرف أنّها ستؤدي إلى عادات ضارّة، والأسوأ تؤدي إلى إصرار يائس على الكمال... على صورة الأنوثة المكتملة، وحيث أنّ الكمال غاية لا تُدرك فإنّ المرأة القوية تفعل ما عليها، وتنخرط في عادات تقويها وتدفعها لتقديم أفضل ما لديها، وهي لا تنجرّ خلف التوقعات الناجمة عن مثل هذه الصورة الخيالية، كما أنها تعرف أنّ السعي خلف كمال زائف لن يؤدي سوى إلى التسمم بلوم الذات.
هل تفضّلين أن تكوني جذابة على كل شيء آخر؟
القوة غير مرئية، ولا يمكن لأحد أن يرى القوة الداخلية، وقد تخدعنا المظاهر. قد نظن أن صاحبة هذا الجسد المتناسق الرائع ذات شخصية قوية متناغمة، لكن يتبيّن لنا عدم صحة ظنوننا. المظهر الخارجي مهم، والجاذبية مهمة لأي أنثى، لكن كلما اتسعت الفجوة بين الداخل والخارج أدى ذلك إلى مشكلة أكبر.
إنّ المبالغة في الاهتمام بالشكل الجسدي على حساب الجانب الداخلي له ضريبة كبيرة جداً، فأنتِ هنا تحاولين إثبات شيء لنفسك، لكنك لن تستطيعي إثباته من غير عناية مشابهة بالجانب الداخلي والعقلي، سيصاحبك شعور عدم الأمان حتى وإن صار لديكِ أجمل جسد. الجمال لا يتجزأ، وإن لم يكن الجمال الخارجي انعكاساً للجمال الداخلي فأنتِ في مأزق نفسي كبير.
هل ترين أنّ اللطف والعاطفة في مكان العمل نقطة ضعف أم نقطة قوة؟
تعتقد كثيرات أنّ اللطف والعاطفة أمران غير مناسبان للأنثى في مكان العمل الحديث، وتجد نساء كثيرات (كما يجد رجال كثيرون) أنّ اللطف والعاطفة في مكان العمل علامات لا تدل سوى على الضعف، لكن النساء القويات يعرفن أنّ هذا غير صحيح، بل إنّ اللطف والعاطفة الأنثوية ميزة ونقطة قوة.
لا تركّز النساء القويات على الصور النمطية السائدة، ولا يهتمن بما يقوله منتقدوهن، إنما ينحصر تركيزهن على التطوّر والارتقاء من الناحية النفسية والعقلية، وهذا يعني ارتقاء مهني وغير مهني بطبيعة الحال. إنّهن مدركات تمام الإدراك أنّ قوتهن تذكّر الآخرين بنقاط ضعفهم.
هل تفضّلين راحة الآخرين على حساب راحتكِ؟ أم راحتكِ على حساب راحة الآخرين؟
ثمة مقولة شهيرة في عالم المال تقول: "ادفع لنفسك أولًا"، وهذا ينطبق على مجالات الحياة، وهذا ليس بأنانية على الإطلاق، فإذا لم تهتمي بنفسك من المرجح أنّك لن تهتمي بغيرك. على أنفسنا حق، وشعور نساء كثيرات أنّ طموحهن تهديد لحياتهن العائلية أو تهديد للآخرين هو شعور ناجم عن عدم الاستحقاق. نرى هذا بوضوح عندما تحصل نساء من هذا النوع على مجاملة، إذ يقلن بإصرار: "آه، هذا ليس بالشيء المهم"، أو يقلن: "لا... لستُ جيدة في هذا كما تقول".
أقول لكِ بكلمات بسيطة وواضحة أنّه ليست عليكِ أن تُحجّمي نفسك أو تنتقصي من قدر نجاحك من أجل أحد، فنجاحك ليس تهديداً لأحد... نجاحك لا يعني فشل الآخرين أو اهمالك لجوانب أخرى من حياتك وخاصةً الجانب العائلي.
تعرف النساء القويات أنّ نجاحهن هو نجاح متكامل، وهن لسنّ بمتعجرفات. إنهنّ سعيدات بجهودهن، ولا يخشين من نجاحهن، ومن التحدث عن إنجازاتهن. إنّهن في غاية الارتياح والانسجام، وإنْ كان هناك من يخشى نجاحهن أو يراه تهديدًا له، فهذا شأنه، وليس عليهن تفصيل حياتهن وفق مقاس أحد.
هل أنتِ مؤثرة أم متأثرة؟
إن رغبَ أحد (ذكر أم أنثى) في أن تكوني ضعيفة، فهذا لأنّه ضعيف ولا يود أن يرى من يفوقه قوة. قوتك مصدر قوة لكِ ولمن حولك. القوة معدية، والنجاح معدٍ، لماذا؟ لأنّه ملهم للآخرين.
تعرف المرأة القوية التأثير المضاعف لقوتها، وهذا لا يعني أنها تقاتل للتأثير على الآخرين. إنّ التأثير يحدث من غير تدخل منها لأنّ رائحة النجاح تفوح كما العنبر، وقوة الإلهام لا حدود لها، إنهن خير مثال في محيطهن على قدرة المرأة وعلى تأثيرها الصامت. اصنعي أفضل نسخة من نفسك وستصبحين منارةً لمن حولك... قصة نجاحك ستلهم من يسعى للنجاح.
هل تحددين قيمتك الذاتية من خلال آراء الآخرين؟
لا تحدد المرأة القوية قيمتها الذاتية من خلال رأي أي شخص آخر. قول لا ضرورة، الرفض وقبول الرفض ميزة الإنسان القوي.
إنّ آراء الآخرين ورفضهم كما نقدهم لنا أمر ذو تأثير شديد لدى كثيرات، وهو يثير شعورًا مفاده بأنّكِ لستِ جيّدة كما يجب أن تكوني.
إنّه شعور سيء، فصدى كلمات الآخرين تتردد في رأس النساء الضعيفات لفترة طويلة، وقد تؤثر عليهن أيما تأثير. لا تسمح النساء القويات لرأي أحد بالتأثير على قيمتهن الذاتية، فهن وحدهن من يحددهن شعورهن تجاه أنفسهن، وهن يتمتعن بمهارات تكيّف صحية تساعدهم على استعادة التوازن سريعًا عندما يحاول الآخرون إسقاطهن.
هل أنتِ مكتفية بنفسك أم تشعرين بحاجة إلى المزيد؟
تحتاج القوة الداخلية إلى التمرين المتواصل، وهي تشبه في ذلك العضلات الجسدية، فهي بحاجة إلى التمرين المستمر. إنّ إحساسك بعدم حاجتك إلى قوة أكبر أو إلى القوة أصلًا لا يعني سوى أمر واحد فقط، وهو حاجتك إلى تطوير نفسك وبناء عناصر قوتك الداخلية والمواظبة على تنميتها.
المرأة
القوية هي امرأة تعي حاجتها للبقاء قوية، وهذا يحصل من خلال التقييم المتواصل
للذات، فتتخلى عن العادات السيئة التي تهدد قوتها، وتطوّر عادات جيدة سواء أكانت
عادات حياتية أم غذائية تساعدها على الاستمرار في النمو للوصول إلى الاستفادة
القصوى من إمكاناتها.