فتحت الحياة بابها السعيد
لشانيل في عمر الـ23 عندما التقت عام 1909بحب حياتها لاعب البولو ورجل الأعمال البريطاني
آرثر كابيل الملقب باسم "بوي" صديق عشيقها السابق إتيان بالسان.
منحها "بوي"
الحب والحنان اللذان حُرمت منهما بسب طفولتها القاسية في الميتم. وعندما تُسئَل عنه
كانت تُجيب: "آرثر هو أبي، هو أخي، هو عائلتي بأكملها".
كان بوي الداعم المادي والسند المعنوي
لها في بداية طريقها لتفتح أول متجرٍ لها وتحقق نجاحاً باهراً في تصميم القبعات التي
كانت تبيعها لنساء رجال الأعمال من أصدقاء "بوي" ما حقق لها أرباحاً طائلة
ولتصبح اسماً في عالم تصميم الأزياء بامتلاكها دار أزياء في باريس حينها، فذاعت شهرتها
بفضله وأصبحت تصاميمها تتصدّر مجلّات الموضة.
كانت مولعةً بـ
"بوي" إلى درجة ابتعدت عن دائرة أصدقائها القدامى، واقتصرت علاقاتها مع الفنانين
والمغنّيين والممّثلين العالميين أصدقاء "بوي" الذين كانوا يواظبون على زيارته.
لطالما تمنّت شانيل أنْ
تتكلل علاقتهما بالزواج لكن "بوي" كان يتحجج بانشغاله بالعمل، وغالباً ما
كان يُصاحب نساءً أخريات، أي لم يكن مخلصاً لحبها.
انكبّت شانيل على العمل
لتردّ ديونها لحبيبها آرثر ولتهرب من الحقيقة رغم استمرار علاقتهما وزواجه فيما بعد
من سيدة مجتمع ارستقراطي عام 1917 والذي كان امتحاناً صعباً على شانيل، ادّعت أنه لا
يهمها بينما قلبها كان يحترق من الحزن والغيرة.
لكن حبهما لم يدُم سوى
عشرِ سنوات إذ توفي "بوي" عام 1919 إثْر حادث سير أليم وكان لوفاته على كوكو
وقْع الصاعقة ما زادها تصميماً في عملها للخروج من حالتها النفسية السيئة. فعانقت حزنها
وجعلت منه لغة إبداعية أوحى لها بعطرٍ يختزل
كل معاني الحب والعشق وذكرياتها السعيدة معه.
أثّر مصرع الرجل الوحيد
الذي أحبته كوكو بصدق كثيراً على حياتها فشعرت بأنها تحطّمت نفسياً وأفضَتْ هذا الشعور
لصديق لها: "أعترف أنّ وفاة كابيل وخسارته كان كارثة كبرى بالنسبة لي، بموته فقدتُ
كل شيء، لقد ترك غيابه فجوة في داخلي لا تمحيها السنين، الحياة من بعده لا طعم لها
وليس للسعادة مكانٌ في قلبي بعد الآن".
لم يكن "بوي"
مجرّد رقمٍ عابرٍ في علاقاتها وليس الحب الكبير
فحسب، بل الرجل الذي تدين له بالكثير مهما فعلت على كافة الأصعدة بما فيها نهمها للقراءة،
إذ كان يشجعها على مطالعة الكتب، وتأثيره في تذوقها للفن واضطلاعها على علوم الفلك
والأرقام وعلم الباطن. وهكذا ظلّت تبحث عن حبيبها آرثر بين طيات الكتب التي شجعها على
قراءتها.
لم يقتصر تأثير "بوي" في حياتها وقلبها فقط بل في تطوير
أسلوبها كمصممة وإيمانه بقدراتها وإمكانياتها وإنعاش الموهبة الدفينة في داخلها، إذ
كانت مأخوذة بأناقته كرجل، فكان ملهماً لها بإدخال لمسة رجولية على تصاميمها النسائية،
وهو ملهمها في شعار شركتها (CC) ورقم عطرها (5) إذ حاولت أن
تختزل مشاعر حبها له في قارورة عطر كتجسيد لذكرى معشوقها الغائب للأبد.
من كتاب الحياة السرية: محطات غرامية في حياة المشاهير إعداد وترجمة فرح عمران