التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اخدم لتكون عظيمًا: طريق مات تيني الوعرة نحو السكينة



 
مات تيني: مؤلف ومتحدث وخبير ومستشار في معهد بيرث للقيادة (Perth Leadership Institute)، كما أنه سجين سابق وقد شهدت فترة سجنه انطلاقة أفكاره.

 

كان مات تيني ضابطًا في سلاح مشاة البحرية الأمريكية، لكنه وقع ضحية الطمع فقد أراد أن ينعم بثروة تتيح له الحرية المالية قبل عيد ميلاده الثلاثين، ولم يقاوم رغبته الشديدة تلك فسار في الدرب الخاطئ للحصول على ذلك المال، وبهذه النية أعد العدّة ورسم خطة لسرقة ما يقرب من ثلاثة ملايين دولارات نقدًا من أموال الجيش، فعمد إلى تزوير صفقة شراء وهمية، ورتب تسليمًا غير قانونيًا للأموال من البنك الاحتياطي الفيدرالي في لوس أنجلس لصالح قاعدة سلاح البحرية في كامب بندلتون (Camp Pendleton)، وبعد توقيع وثائق التسليم النهائي اشترى  تذكرة ذهاب بلا عودة إلى البرازيل، وفي غمرة حماسه واستعجاله الوصول إلى المطار وعلى الطريق المؤدي إليه ألقى مكتب التحقيقات الفيدرالي القبض عليه.

 

انتقل تيني من ذروة الأحلام بالثروة والرفاهية إلى قعر الزنزانة ليمضي ستة أشهر في الحبس الانفرادي لاثنتين وعشرين ساعة في اليوم، وأصبح على وشك الانهيار التام خلف القضبان، فهو قد أهان مشاة البحرية وأهدر حياته وأذل عائلته، ولم يستطع تحمل النظرة إليه كمجرم وأدرك أنه قد يُحكم عليه بالسجن لمدة تتراوح بين سبعين وثمانين عامًا، ووسط هذا اليأس التام صلى ليأخذ الله روحه ويُخلصه من هذا الجحيم الذي أوصل نفسه إليه.

 

ومع انطلاق محاكمته ولتتفادى الحكومة نفقات المحاكمة عرضت عل تيني صفقة قضائية ومفادها الإقرار بالذنب مقابل قضاء خمس سنوات في السجن. ومع مرور الوقت في السجن تبيّن له أن السجن جاء له كنعمة مقنّعة، فبعد الكثير من الألم تعلم التأمل في صمت والتركيز الذهني على الحاضر بعيدًا عن التشتت والأفكار العشوائية. صار بإمكانه العيش في راحة بال حتى في سجنه، وذلك من خلال عدم مقارنة حياته في السجن بحياته خارجه وعدم التفكير في المستقبل وما يحمله من غموض ومصاعب قد تواجهه. 

 

قرر تيني تمضية فترة سجنه من خلال العيش ببساطة والتأمل وتدريب الوعي الذاتي لديه، فجلس لفترات طويلة بصمت وتعامل مع الضوضاء المستمرة الصادرة من السجن ومن معاملته السيئة كما لو أنه نكرة أبدية. ووصل في النهاية إلى حالة من الهدوء والسكينة. 

 

أيضًا بدأ تيني في مساعدة من حوله، وساعد السجناء الآخرين في الوصول إلى راحة البال أيضًا، وأمضى محكوميته على هذا المنوال حتى إطلاق سراحه في عام 2006، لينتقل بعدها للعيش في دير، وبقي هناك لستة أسابيع وقرر أن يصبح راهبًا، لكنه وقبل أن يُرسَم كراهب أدرك أن حياة الراهب لن تحقق له غايته في مساعدة الآخرين بالصورة التي يأملها، وأراد ألا يهرب إلى العزلة إنما الانخراط في قلب المجتمع والعالم الحقيقي لمساعدة من هم أهل للمساعدة هناك.

 

طار تيني إلى المكسيك ليمضي بعض الوقت في مدرسة صيفية في مأوى للأطفال، حيث انخرط في مشروع يسمح له بتبادل المحبة الصافية مع الأطفال ومساعدتهم على رؤية ذاتهم وقيمها العليا بأفضل صورة ممكنة لهم ولمستقبلهم.

 

عاد تيني إلى الولايات المتحدة وشارك في تأسيس فرع لمنظمة الأطفال يدحرون السرطان (Kids Kicking Cancer) في مدينة غينزفيل في ولاية فلوريدا لمساعدة الأطفال المصابين بمرض السرطان على قهر المرض ومواصلة حياتهم وبناء مستقبلهم. 

 

عند النظر في الخطوة التالية تساءل عن الطريقة المثلى لإشراك الشركات في مساعدة الآخرين بصورة رسمية، وسرعان ما علم أن العديد من الشركات المزدهرة تعتمد على القيادة الخدمية كأساس لمعتقداتها الإدارية، فما يقرب من ثلث الشركات في القائمة السنوية لمجلة فورتشن (والتي تضم أفضل مئة شركة) تقول إنها تعتمد في ممارستها الإدارية على القيادة الخدمية.

 

من كتاب خلاصات المكتبة

ترجمة كنان القرحالي

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اعمل بستانياً إذا كنت تحبّ الزهور

يحارب كلّ إنسان في العالم أحداً ما، وتجد إنساناً أقل شأناً من الآخر، ولا وجود للحبّ والاحترام والفكر، فكلّ فرد يريد أن يصبح ذا شأن؛ يريد عضو البرلمان أن يصبح رئيسه والوزير أن يصبح رئيس وزراء وهكذا دواليك. هناك قتال مستمر ومجتمعنا مبني على الكفاح المستمر للإنسان ضد أخيه الإنسان، ويدعون هذا الكفاح طموحاً. يقولون لك: يجب أن تكون طموحاً وذا شأن، أو عليك أن تتزوجي رجلاً غنياً، أو يجب أن تراعي اختيار أصدقائك. أي أنّ الجيل الأكبر سنّاً يحاولون أن يجعلوك مثلهم رغم ما يعتريهم من هلع وما تعج به قلوبهم من قبح، والمفارقة أنّك تريد أن تصبح مثلهم لأنّك مفتون بالمظاهر من حولك، فأنت تشاهد بانفعال كيف ينحني الجميع عندما يدخل الحاكم مجلساً ما. لذا من المهم جداً إيجاد المهنة المناسبة، وأقصد بالمهنة أمر تحبّ فعله، ويجب أن يكون هذا أمراً طبيعياً، فبعد كلّ شيء هذه هي الوظيفة الحقيقة للمدرسة، أي مساعدتك على تكوين شخصيتك بصورة مستقلة بحيث لا تكون طموحاً وتعرف كيفية إيجاد المهنة الأنسب لك، لكنها تشجع الطموحين والإنسان الطموح لن يجد مهنته الصحيحة أبداً. إنّ العمل في مهنة تناسب شخصيتك بصورة مثالية ل...

ملخص كتاب الحرية المالية

غلاف كتاب الحرية المالية   ملخص كتاب الحرية المالية جرانت سباتير ترجمة م. كنان القرحالي   المال هو الحرية سبعة مستويات للحرية المالية 1. الوضوح: عندما تعرف موقعك ووجهتك. 2. الاكتفاء الذاتي: عندما تكسب من المال ما يكفي لتغطية نفقاتك. 3. ال متنفس: عندما تخرج من دوامة العيش من مرتّب إلى مرتب. 4. الاستقرار: عندما تغطي ستة أشهر من خلال ادخار نفقات المعيشة وسداد الدَين السيئ مثل ديون بطاقة الائتمان. 5. المرونة: عندما تستثمر ما يغطي نفقات المعيشة عامين على الأقل. 6. الاستقلال المالي: عندما يمكنك العيش من الدخل الناجم عن استثماراتك ما دمتَ حيًا، لذا يصبح العمل اختياريًا. 7. ثروة وفيرة: عندما تكون لديك أموال أكثر مما ستحتاج إليه في أي وقت (الشكر للكاتب العظيم والصديق جيه دي روث مؤلف كتاب حقق الثراء بروية الذي كانت مستوياته إلهامًا لهذه المستويات).   الوقت أغلى من المال 1. المال غير محدود، أما الوقت فهو محدود، لذلك لا تهدر الوقت. 2. ينطوي نهج التقاعد التقليدي على ثلاث مشكلات رئيسة:         I.    ...

من كتاب الحياة ليست سينما -1

من كتاب الحياة ليست سينما اختيار وترجمة كنان القرحالي للمفكر العظيم كرينشامورتي إنّ الحياة دون حبٍّ صحراء قاحلة، ودون الحبّ لا معنى للطيور ولا لبسمة النساء والرجال ولا للجسر فوق النهر ولا للبحارة ولا للحيوانات؛ دون حبٍّ ما الحياة إلا مستنقعٌ ضحلٌ؛ ففي النهر العميق نجد الغنى والتنوع حيث يمكن للأسماك العيش، فيما يجف المستنقع الضحل بفعل أشعة الشمس القوية، ليبقى الطين والأوساخ. ------ الحبّ أمرٌ جديدٌ، منعشٌ، حيٌّ، لا يعرف ماضٍ ولا مستقبلَ، إنّه أبعد من اضطرابات الفكر، وحده العقل البريء هو من يعرف ماهية الحبّ. ---- إذا وُجِدَ الحبّ لن يكون هناك تعلّقٌ، وإذا وُجِدَ التعلّق لن يكون هناك حبٌّ، أي أنّ وجود الحبّ يتم بنفي وجود غيره، وهذا ما يعني في حياتنا اليومية: عدم تذكّر أي شيء قالته زوجتي أو حبيبتي أو جاري، لا ذكرى أحملها لأي أذية، لا تعلّق للصورة التي أحملها عنها، فقد كنتُ متعلّقاً بالصورة التي أنشأها فكري عنها، أنّها قد تسبّبُ إيذائي أو إزعاجي أو أنّها قد منحتني الراحة الجنسية وغيرها الكثير من الأمور التي أنشأ فكري صورةً عنها، والتي بدوري تعلّقتُ بها، وبهذا يكون...