أنت وحدك قادرٌ على تغيير العالم
نعيش في عالم يمجّد التعقيد والطموح وجمع المعارف والمعلومات، ورغم التطوّر التكنولوجي المتسارع ووسائل الترفيه المتزايدة إلا أنّ الحياة لم تغدُ أيسر، بل صارت معركة الوجود أقسى، والمنافسة مع الآخر أشرس، والصراع المحموم في داخلنا أعنف، لأننا نريد المجد والشهرة والمال، ويأخذنا السعي في دروب شائكة لا نعرف فيها راحة أو سكينة، وبما أننا عاجزون عن تحقيق أهدافنا وحدنا نعتمد على الآخرين، فنستغلهم لغاياتنا ويستغلوننا لغاياتهم، فأي مجتمع تُنتجه هذه العلاقة المشوَّهة؟
العلاقة الحقيقية مع الآخر نقيةٌ لا تشوبها الغايات، أمّا المجتمع القائم على الاستغلال المتبادل فهو مؤسس على العنف... المجتمع أنت، والعالم علاقتُك بالآخرين.
قد نتذمّر من الحال التي انتهى إليها العالم والمجتمع كما لو أننا لسنا جزءاً من العالم والمجتمع الذي نعيش فيه! فكيف نفهم ما يجري حولنا إذا عجزنا عن فهم أنفسنا؟ إننا نخشى التوغل عميقاً في ذواتنا، ونفضل الهرب بعيداً واللجوء إلى أفكار سائدة... هذا لن ينفع، لأن الحقيقة نابعة من فهم الذات، والتغيير نحو الأفضل لا ينطلق من نظريات أو مفاهيم أو تيارات فكرية إنما من داخل النفس، ومن إعادة فهم علاقتنا بالآخرين، وهذا هو الإصلاح الحقيقي.
لا يمكن أن يحصل التنوير ما دامت أسباب الجهل قائمة، والإنسانية واحدة، ومن يستغل نفْساً فهو يستغلّ نفسه أولاً، ومن يقتل شخصاً آخر فهو يقتل نفسه.
كتاب الحياة اسمٌ على مسمى، وتأملات كريشنامورتي اليومية دعوة صريحة لفهم الذات، والتمتع بالجمال، ومعرفة الحقيقة، وعيش الحياة لحظة بلحظة ويوماً في إثر يوم، إنها رحلة تأملية شيّقة، ومَن يودّ الترحال فلينفضْ عنه تراكمات الماضي وليحطّم قيود المحيط وليبدأ الآن دون انتظار!
كنان القرحالي
3/8/2019